الصوت والحجر: أنطولوجيا
الصوت والحجر: أنطولوجيا
Год выхода 2020
إيف بونفوا شاب درس الرياضيات، ثم تركها إلى الفلسفة، دون أن ينقطع عن الانشغال بتاريخ العلوم، اقترب من السرياليين وسرعان ما ابتعد عنهم: كان يرفض استسلامهم لسيادة الشكل على النص، ففي رؤياه أنه على الكلمات أن تحافظ على دلالتها الأرضية التي بدونها لا وجود لعلاقة حقيقية بالعلم. لأن الوقت –أيام ما بعد الحرب العالمية الثانية- ما عاد يحتمل الهروب إلى الخيال أو اللعب على الكلمات. ولقد نال ديوانه الأول في حركية دوف وفي ثباتها /ودوف هي الأرض/ من الحضور حيزاً حين صدوره /1953/ ما جعل النقاد يعتمدونه مع جملة أعمال أخرى لبونج وبريفير، وغولفيك، إحدى البشائر لإعلان عن ولادة واقعية جديدة يحاول أصحابها، كل على طريقته تجديد العلاقة بين الشعر والعالم.غير أنه لا يمكننا الحديث بخصوص شعر بونفوا عن واقعية خالصة، يقول بعضهم، لأنه يحاول أن يتجاوز الظواهر إلى إبداع الصورة عنها، وأن يفكك رموز العالم أو على الأقل هو يطمح إلى ذلك: الحقيقة والصورة تندمجان دون تعارض في شعريته. إنه يوكل إلى الشعر مهمة إدراك الحقيقة بطريقة على تمام المغايرة لتلك التي تنتسب إلى الفلسفة والعلم. هذه الغاية المعرفية تفضي إلى رفض تعالي الصورة... إنه يكتب القصيدة كطريق وسط بين الحلم والواقع...".هذه القدرة الشعرية على إدراك الحقيقة، حقيقة معرفة العالم، هي عنده، أفضل من التي للفلسفة لأن هذه إن هي إلا، في تعمق الفهم، تعلق بمقولات لغوية تتسلط على وعينا بالأشياء. وكذلك هي أفضل من التي للعلوم، فالرضيات، مثلا، تقترح أنظمة متناسقة غير أنها ليست في تطابق مع العالم... إن عيب هذه البحوث، يقول، أنها تقوم على مفاهيم، والحال هذه، المفاهيم ليست سوى رؤى جزئية متحصل عليها باقتطاع بعض المظاهر من الموضوع على حساب الأخرى... وعلى عكس الفلسفة، فإنه فإمكان الشعر أن ينجح في تملك حضور لأنه يقوم على الكلام، على المادية التصويتية للكلمات...في قصيدته ضد أفلاطون، يقلب بونفوا أولوية المفهوم على المحسوس كما وطدها التقليد الغربي، الذي لا يرى في المظهر إلا انعكاساً، وهو ما يؤدي، يقول، إلى إبطال كل محاولة للفلسفة لإدراك جوهر العالم.وبين طيات هذا الكتاب ترجمة لتوليفة مختارة من أجمل أشعاره، وهي تأتي لتأكد على أن إيف بونفوا هو شاعر القدم، وهو في ذلك يقترب كثيراً من عالم ما قبل السقراطيين واعياً بالقيمة النموذجية للميثولوجيا اليونانية في نزوعها نحو مطلق المصادر الأولى... يراهن على ضرورة الشعر ومشروعيته إلى حد رؤية مصير العالم من مصيره يقول: إن للشعر دوراً لا شيء يعوضه، فإذا انقرض فعلاً فإن المجموعة الإنسانية ستنهار معه.